تمتلك أجهزة مخابرات أغلب الدول الكبرى، على صعيد العالم أو على صعيد الإقليم المحيط بها، سلاحين أو وسيلتين تتمكن من خلالهما فرض سيطرتها على هذه الدول وهو الانقلابات أو الثورات. وهذا ما هو عليه الحال مع الولايات المتحدة الامريكية كمثال، التي طبقت كلا السلاحين في العديد من الدول في العالم، منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.
فأي انقلاب يحصل في أي دولة، والذي هو اخذ عبارة عن أخذ السلطة فيها بالقوة، وإزاحة مفاجئة للحكومة من خلال مجموعة تنتمي إلى مؤسسة من مؤسسات الدولة، عادة ما تكون عسكرية، هو بحاجة لتنسيق مع مخابرات دولة أو حتى إدارة من دولة كما حصل في العديد من البلدان. لأن أول ما قد تحتاجه السلطة الجديدة، هو الاعتراف بها كقوة شرعية تحكم البلاد.
أما بالنسبة للثورات (الملونة منها بالتحديد)، فهي أسلوب الإدارة الامريكية المفضل، عندما تنعدم فرص نجاح الانقلاب العسكري، أو حتى من أجل التمهيد له، وف مجمل الأحوال عندما لا يمكنها فرض إراداتها العسكرية على دولة تتمتع بقدرات عسكرية ما، تؤهلها لخوض مواجهة مع أمريكا ستكون فيها الأخيرة هي الخاسر الأكبر كما حصل مع فنزويلا منذ أعوام، ويحصل حالياً مع كازاخستان.
ولأن فشل الانقلاب أو "الثورة"، قد يتيح جر الدولة إلى "الحرب الأهلية"، عندها يصبح هذان السلاحان الاستخباراتيان أشد وأمضى، لأن إنهاك البلد بجميع قواه وإنهاك شعبه، سيتيح التحكم فيه أكثر فأكثر، ويؤهله للذهاب لنحو خيارات قاتلة بملء إرادته.
ووفقاً لانقسام الاجهزة الاستخباراتية وفق نفوذها الى ثلاثة أنواع: دولية تابعة لدول عظمى ترى طموحاتها في كل مكان كروسيا او أمريكا او الصين، واستخبارات لدول اقليمية يتجاوز نفوذها محيطها الإقليمي، واستخبارات محلية للدول التي تهتم بشؤونها الداخلية فقط. فإن هذا يعني أن الثورات والانقلابات، هي من اختصاص الدول العظمى أو الإقليمية فقط، فالاستخبارات المحلية لا تستطيع العمل على فعل الإطاحة (الانقلاب أو الثورة) بمفردها، بل ستكون هي المتلقي لفعل الإطاحة.
مؤشرات الانقلاب أو الثورات
تسير أجهزة الاستخبارات الأجنبية عادة، ضمن إطار العديد من الخطوات المتسلسلة، لتحقيق اطاحتها بنظام حكم ما، فإن لم تنجح فإنها تنتقل مباشرة الى الخطوة التالية. وأبرز هذه الخطوات:
1)الاحتواء.
2)التأثير في السلوك.
3)التهديد الدبلوماسي أو قطع العلاقات الدبلوماسية.
4)فرض العقوبات الاقتصادية من أجل خلق التوترات الشعبية الضاغطة.
5)تجنيد القيادات وأصحاب الرأي في المجالات المختلفة، بل وحتى تجنيد الجمعيات، كما شهدنا في دول عدة مثل لبنان والعراق.
6)الحرب النفسية والإعلامية التي تساعد في بلبلة الرأي العام المستهدف، وتضعضع القوة الخصمة المراد اخضاعها او ضرب قوتها.
7)الانقلاب العسكري او الشعبي، من خلال السيطرة على المؤسسات المركزية للدولة.
8) قد تطور بعض الحالات في بعض البلدان الى الغزو، تحت ذريعة دعم الشعب المنتفض، أو حتى تحت ذريعة التوسط لحفظ السلام بعد انتشار الفوضى والعنف.
الكاتب: غرفة التحرير