فيما "يمنع القانون اللبناني الأجانب، بمن فيهم اللاجئين الفلسطينيين، من العمل بأكثر من 70 مهنة كالطب والصيدلة والهندسة والمحاماة ورئاسة تحرير الصحف وغيرها "، أصدر وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، أمس، قراراً "يسمح للاجئين الفلسطينيين بمزاولة المهن المحصورة باللبنانيين فقط"، على ان يستفيد من هذا الاستثناء "الفلسطينيون المولودون على الأراضي اللبنانية، والمسجلون بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية". و"الأجنبي المولود لأم لبنانية أو متزوج من لبنانية، والمولودون في لبنان من حملة بطاقة مكتومي القيد، مع التقيد بالشروط الخاصة بالمهن المنظمة بقانون". وربط الوزير بيرم القرار بـ "مقتضيات المصلحة العامة ومراعاة للظروف الاقتصادية".
إشكالية التوطين
وفي سياق هذا القرار وما أثاره من إشكاليات، يؤكد مسؤول العلاقات السياسية والإعلامية لحركة حماس في لبنان، في حديث خاص لموقع "الخنادق"، ان الفلسطينيين يرفضون كافة أشكال التوطين، ومتمسكون بحق العودة، وان الشعب اللبناني قدّم الدّم في سبيل استرجاع الأرض الفلسطينية وتحريرها وعودة اللاجئين". وان هذا القرار لم يكن الا في سياق حق اللاجئ الفلسطيني بمقومات الحياة.
تحريك الاقتصاد اللبناني
ومن ناحية أخرى قد يحيّد هذا القرار المقاربة الدائمة للمخيمات الفلسطينية كـ "ملف أمني" فقط في وقت يملك الفلسطينيون الكثير من الطاقات التي قد تسهم في إنعاش الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان الغارق في الأزمات.
ويشير عوض الى ان "المخيمات الفلسطينية منذ عام 1948 خرّجت العديد من القامات العلمية، عمل بعضها في لبنان والبعض الآخر خرج نحو الدول الأوروبية، ومنهم أطباء وأساتذة جامعيين..."، كما ان الفلسطيني شريك في تحريك الدورة الاقتصادية من خلال الأموال المحوّلة من ذويه في الخارج، ما يعني إدخال الفريش دولار بشكل شهري الى البلد، بالإضافة الى ان الفلسطيني يعمل في لبنان ويصرف أمواله فيه".
الواقع الصعب في المخيمات الفلسطينية
ويضيف عوض ان "قرار وزير العمل هو موقف انساني وجريء يمنح الفلسطيني هامش أكبر لتحسين ظروفه والتخفيف من معاناته"، حيث يبلغ عدد الفلسطينيين في لبنان حوالي 200 ألف لاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة، يتوزع معظمهم على 12 مخيماً و156 تجمعاً في المحافظات الخمس في لبنان. ووفقاً لإدارة الإحصاء المركزي اللبناني، يعاني اللاجئون من مشاكل كثيرة أهمها: ضعف البنية التحتية للمخيمات، والازدحام...وغيرها الكثير.
كما يعيش 65% منهم في الفقر فيما 9% في الفقر المدقع وهم غير قادرين حتى على تأمين المتطلبات الغذائية الأساسية. ويعاني 38% من انعدام الأمن الغذائي المتوسط و24% من انعدام الأمن الغذائي.
فيما تعاني العائلات الفلسطينية أيضاً من عدم القدرة على تسديد الرسوم والأقساط الجامعية والمدرسية. اما من الناحية الصحية فان 72% من الفلسطينيين غير قادرين على تأمين الدواء اللازم للعلاج، بحسب المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد).
وقد تضرّر اللاجئون الفلسطينيون، أسوة باللبنانيين، بالأزمة النقدية وتعاميم مصرف لبنان حيث يجدون صعوبة في سحب اموالهم المدّخرة في البنوك.
تقصير الأونروا وغياب السلطة الفلسطينية
ويضيف مسؤول العلاقات السياسية والإعلامية لحركة حماس في لبنان "للخنادق" ان "الاونروا مقصرة بشكل كبير تجاه اللاجئين الفلسطينيين حيث انه من بداية الازمة اللبنانية في تشرين الأول عام 2019 قدّمت المساعدات فقط مريتن بقيمة 112 ألف ليرة لبنانية لكل فرد، ومنحت 40$ للفرد دون الـ 18 سنة، وما عدا ذلك لم تقدّم شيء"، ويضيف عوض ان "الفصائل كانت قد أبلغت الاونروا بضرورة إعلان المخيمات الفلسطينية في لبنان منكوبة وإبلاغ المجتمع الدولي بذلك".
ويعاني اللاجئون في لبنان من ضعف خدمات وكالة الغوث في مجالات التعليم والصحة والرعاية والخدمات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك بدأت الاونروا بجملة تقليصات طالت قطاع التعليم والصحة فتم دمج مدارس وعيادات وتخفيض عدد المعلمين والاطباء. كما اتبعت سياسة وقف التوظيف بشكل نهائي وسياسة تقشفية فيما يتعلق بالاستقالة والعمال المياومين والتمديد.
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الفقر المدقع لدى الفلسطينيين المقيمين في لبنان يغطي برنامج الإغاثة في قسم الشؤون الاجتماعية 15% فقط من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما توقف برنامج المنح الجامعية لدى الأونروا بشكل نهائي ومفاجئ خلال العام 2018.
وأمام هذا الواقع المعيشي الصعب للاجئين الفلسطينيين في لبنان تُطرح علامات الاستفهام عن عودة دور السلطة الفلسطينية – الذي غاب كلياً بعد توقيع ما يسمى "اتفاق أوسلو" - في التنسيق مع الجهات الدولية المعنية والدولة اللبنانية لحل أزمات ومشاكل الشعب الفلسطيني في الشتات!
الكاتب: غرفة التحرير