أثارت التجربة الروسية الأخيرة الناحجة، لعملية إطلاق صاروخ باتجاه قمر اصطناعي خامل خاص بها، الكثير من المخاوف والقلق لدى الكثيرين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية، حول نمو قدرات موسكو فيما بات يعرف بـ"حرب الفضاء". فهذه الحرب لم تعد محصورة كنوع سينمائي، تحت خانة "الخيال العلمي". بل أصبحت حرباً عسكرية حقيقية قابلة للتحقق، متى شاءت أي دولة تمتلك القدرات لتنفيذها.
وحرب الفضاء هي إجراء عسكري يستخدمه طرف ضد طرف، في الفضاء الخارجي للكوكب، ضد منشآت وأليات تتعلق به، خصوصاً ضد الأقمار الاصطناعية. لذلك فإن نطاقها يشمل:
1)الحرب من الأرض إلى الفضاء، مثل مهاجمة الأقمار الصناعية من الأرض عبر الصواريخ الباليستية أو صواريخ منظومات الدفاع الجوي كالـ S-500 والـ S-550 أو الطائرات الحربية عبر اطلاقها للصواريخ فرط صوتية باتجاهها.
2)حرب الفضاء إلى الفضاء، مثل الأقمار الصناعية التي تهاجم الأقمار الصناعية.
3)الحرب من الفضاء إلى الأرض، مثل الأقمار الصناعية التي تهاجم أهدافًا أرضية.
كما يمكن لهذه الحرب أن تأخذ بعداً كهرومغناطيسياً، من خلال السيطرة على هذه الأقمار من طرف ضد آخر.
أما النطاقين الآخرين، فحتى اليوم لم يتم محاولة استخدام الصواريخ الفضائية بسبب معاهدة الفضاء الخارجي، التي حظرت استخدام أو اختبار أو تخزين الأسلحة النووية خارج الغلاف الجوي للأرض. ولعل هذا ما دفع بأمريكا الى استنكار ما قامت به روسيا.
ماذا حصل مع كزوموس؟
بدأت القصة مع الأخبار التي تحدثت عن اختفاء القمر السوفياتي Kosmos-1408 التجسسي فجأة، والذي كانت مهمته سابقاً جمع الإشارات الإلكترونية. ويزن هذا القمر حوالي 2200 كيلوغرام، وكان يتموضع في مدار حول الأرض على ارتفاع حوالي 650 كيلومترًا منها. لذلك يعتقد الخبراء أنه بعد عملية الاستهداف الروسي، فإن كوزوموس قد أصبح حطاماً من أكثر من 1500 قطعة تدور حول الأرض، ويمكن لهذه الأجزاء أن تمثل مشكلة لبعض الأقمار الصناعية أو محطة الفضاء الدولية. لكن روسيا نفت أن تشكل هذه الشظايا خطرا على الأقمار الصناعية الأخرى أو محطة الفضاء الدولية.
ما هي أنواع الأقمار الاصطناعية؟
هناك عدة أنواع من الأقمار الاصطناعية، فمنها ما هو ذات طابع مدني تعمل على مراقبة الطقس وحركة الرياح والمنخفضات الجوية والعواصف، أو للاتصالات المختلفة والبث التلفزيوني، أو خاص بالعلوم الجغرافية المختلفة مثل مراقبة البراكين، المحيطات إلخ...
كما تتضمن هذه الفئة الأقمار المخصصة لتحديد المواقع وأشهرها النظام الأميركي GPS المؤلّف من 31 قمرًا عاملًا حاليًا والروسي غلوناس المؤلف من 26 قمر.
أما الأقمار الاصطناعية ذات الطابع العسكري، فهي المخصصة لإدارة الاتصالات والمراقبة وتحديد المواقع (بهدف توجيه الصواريخ بدقة متناهية وتوجيه الطائرات بدون طيار ما يسمح بزيادة مداها)، إضافة للأقمار المخصصة للتجسس: على الاتصالات أو تصوير مناطق معادية محددة بشتى أنواع الكاميرات ورصدها ورصد التغييرات الجغرافية في المواقع العسكرية والنووية، ورصد التجارب والمناورات والتحركات العسكرية المختلفة.
الكاتب: غرفة التحرير