كانت المسيحية في أميركا أثناء فترة الاستعمار وحتى بعد الحرب الاهلية (1861 – 1865) تؤمن بشكل أساسي بعقيدة ما بعد الملك الألفي. وقدمت الحرب الحافز لانتشار الأفكار الرؤيوية، وبحلول عام 1773 كان يُنظر الى الملك جورج الثالث على أنه ضد المسيح، وأن الحرب كانت حملة مقدسة تبشّر بمجيء الملك الألفي. وبموازاة القرن التاسع عشر شهدت تأسيس بدع عديدة ومنها المورمون، Shakers، وMillerites. وأصبحت العقيدة التاريخية ما بعد الملك الألفي تدريجيًا أكثر شعبية بسبب تأثير الثورة الفرنسية وتدمير البابوية في فرنسا.
بدأت العقيدة التدبيرية تؤثر كثيرًا وبشكل متزايد على الانجيليين الاميركيين. وفي غياب حركة يهودية صهيونية قوية، نشأت الصهيونية المسيحية الأميركية من جراء التقاء هذه العقائد المعقّدة: الانجيلية، عقيدة ما قبل الملك الألفي، التدبيرية، الألفية، والأصولية الأولية. وكان من بين أكثر المتأثرين والذين ساهموا بتطوير الصهيونية المسيحية في أميركا: جيمس بروكس، آرنو كابيليان، وليم بلاكستون.
وليم بلاكستون واعترافه بالصهيونية (1841 – 1935)
كان وليم بلاكستون بارزاً ومؤثراً وعلمانياً يعمل في الكنيسة الأسقفية الميتودوستية، وكان خبيراً باستثمار الأموال. وفي عام 1887 كتب بلاكستون كتاباً عن نبوّات الكتاب المقدس بعنوان "يسوع قادم"، والذي تُرجم إلى 36 لغة بحلول عام 1927، شدّد فيه على ان لليهود حقاً مبيناً على الكتاب المقدس في فلسطين، وأنهم سريعاً ما سيعودون إليها.
أصبح بلاكستون أحد الصهاينة الأوائل في أميركا، وبدأ العمل بنشاط لصالح القضية الصهيونية. واعتبر بلاكستون الحركة الصهيونية على انها "علامة" على مجيء المسيح الوشيك بالرغم من أن قادتها مثل هرتزل هم من اللاأدريين (أي لا يمكنهم معرفة أي شيء عن الله).
سايروس سكوفيلد: قانونية الصهيونية
يمكن اعتبار سكوفيلد المؤيد والمناصر الأكثر تأثيراً للعقيدة التدبيرية، وذلك بعد نشر نسخته من الكتاب المقدس التي صدرت بعنوان “Scofield Reference Bible” عن مطبعة جامعة هارفرد في عام 1918. وسكوفيلد هو ضمن "لائحة القديسيين الأصوليين" واهم المعروفين. وهو شخصية مميزة وصعبة الادراك وقد مثّل اللغز المبهم. وعندما كان شاباَ تأثر كثيراً بكتابات داربي.
امتد تأثير سكوفيلد الى أبعد من كتاباته المنشورة، ففي التسعينيات من القرن التاسع عشر وأثناء خدمته الكنيسة في دالاس، أصبح رئيس معهد "ساوث وسترن" لتدريس الكتاب المقدس، والذي كان المعهد الرائد قبل كلية لاهوت دالاس، حيث عمل على الاهتمام بالعقيدة التدبيرية ونشر أفكارها. كما تأسست كلية لاهوت دالاس عام 1924 من قبل أحد تلاميذ سكوفيلد، وهو لويس سبيري شيفر، الذي أصبح المناصر الأكثر تأثيرً لسكوفيلد.
كان تأسيس الكيان الاسرائيلي في العام 1948، بالنسبة إلى الصهاينة المسيحيين، أمراً طبيعياً وتحقيقاً لنبوات الكتاب المقدس الأكثر أهمية، و"أعظم خبر عن النبوّات حصلنا عليه في القرن العشرين".
يتبع... الصهيونية المسيحية الانجيلية وصنع القرار في الولايات المتحدة.