كان لافتاً ما ورد في بيان للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، بمناسبة أسبوع الدفاع المقدس (الذكرى الحادية والأربعين لحرب صدام حسين على إيران عام 1980)، والذي جاء فيه بأن "استراتيجية المقاومة باتت ترعب امبراطوريات الهيمنة عن مهاجمة الشعوب الإسلامية، وعندما اخطأت أمريكا في حساباتها وهاجمت أفغانستان والعراق، خرجت من أفغانستان مهزومة ذليلة بعد 20 عاما، وسنشهد في المستقبل القريب هزيمتها من كل منطقة غرب آسيا". ما يعني أن هذه المنطقة ستشهد انسحاباً قريباً للجيش الأمريكي، وخاصةً من العراق وسوريا. وعليه فإن هذا الانسحاب سيلقي بتداعياته الجيوستراتيجية على المنطقة وشعوبها، لا سيما بلدان محور المقاومة في إيران والعراق وسوريا ولبنان. لإن الوجود العسكري الأمريكي المباشر، كان عقبة منعت أي اتصال جغرافي يساهم في خطوات التشبيك والعلاقات بين دول المنطقة إن على الصعيد السياسي الاستراتيجي أو على صعيد التعاون الاقتصادي وباقي أشكال وأنواع التعاون.
ومن أهم التداعيات الجيوستراتيجية ما يتعلق بمشروعين مصيرين سيحددان مستقبل المنطقة: مسار الصراع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، ربط المنطقة بمشروع الصين "حزام وطريق".
أربع دول مقاومة متصلة جغرافياً
ومن أهم التداعيات الجيوستراتيجة على المنطقة، هو تشكل ما يشبه وحدة جغرافية متصلة بين دول محور المقاومة، ستشكل واقع خطر وجودي أمام كيان الاحتلال الإسرائيلي، لعدة اعتبارات أهمها:
_ مساحة جغرافية تفوق 2 مليون و250 ألف كيلومتر مربع، ستشكل مسرح المواجهة والعمليات ضد جيش الاحتلال، خلال أي مواجهة إقليمية مقبلة. ما سيصعب (إلى درجة الاستحالة) على أذرع جيش الاحتلال، التعامل ومواجهة كل التهديدات القادمة من هذه المنطقة الجغرافية، وسيدخلها سريعاً في حالة استنزاف.
_ هذه الدول الأربع بما تمتلكه من قوى وحركات مقاومة جاهزة لأي مواجهة، سيكون لديها قوة بشرية تفوق بعديدها جيش الاحتلال الإسرائيلي أضعافاً مضعفة. كما أن رفد هذه القوة البشرية للجبهات سيكون أسهل بكثير، مما كان عليه الحال قبل العام 2011 (تاريخ شن الحرب على سوريا). وستكون عملية رفد الجبهات من الجانب السوري واللبناني، كما حذر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الكيان بذلك في إحدى خطاباته، حينما قال بأن العدو لن يواجه المقاومة في لبنان فقط، بل قد تشهد جبهات قتال إسرائيل، مشاركة عشرات الآلاف من الشعوب العربية والإسلامية.
_ كما سيوفر التواصل الجغرافي البري لهذه الدول، الدعم اللوجستي والتأمين الناري القريب والبعيد للمقاتلين، خلال أي مواجهة كبرى.
أربع دولة تشكل عقدة الوصل ما بين الصين وأوروبا
ومن ناحية أخرى، لا تقل أهميةً على صعيد الجيوستراتيجي أيضاَ، ستشكل هذه الدول الأربع المتصلة جغرافياً والمتحالفة استراتيجياً، رافداً كبيراً لمشروع الصين "حزام وطريق"، من خلال عدة عوامل أبرزها:
1)ستؤمن لهذا المشروع قدرة الوصول الى البحر الأبيض المتوسط عبر مسارين: بري وبحري. أما البري فيبدأ من الصين مروراً بأفغانستان – إيران – العراق – سوريا – لبنان. أما المسار البحري فيبدأ من ميناء تشابهار (منطقة سيستان بلوشستان) مروراً بالخليج نحو العراق (ميناء الفاو) فسوريا ولبنان، وبالتالي سيوفر هذا المسار عناء المرور في منطقة البحر الأحمر.
2)تسهيل انشاء البنى التحتية لهذا المشروع، من خلال انشاء المعابر الحدودية المشتركة بين البلدان، إضافة لمشاريع الربط السككي (مشروع شلامجة البصرة مثال).
3)توفير ما لا يقل عن 3 مرافئ للتصدير من البحر الأبيض المتوسط: بيروت، طرابلس، طرطوس.
4)تعتبر هذه المناطق من الأغنى على صعيد الموارد الطبيعية والطاقوية، ما يتيح للشركات الصينية فرص الاستثمار وتقليل تكاليف الإنتاج.
الكاتب: غرفة التحرير