الثلاثاء 04 شباط , 2025 02:49

معركة إعادة الإعمار في قطاع غزة: التبرعات كأداة للتغلغل في المجتمع الفلسطيني

ورقة علمية: معركة إعادة الإعمار في قطاع غزة

بعد بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في معركة طوفان الأقصى في 19/1/2025، فإن معركة إعمار قطاع غزة لن تكون أقل عسراً من معركة السلاح، خصوصاً أن الإمكانيات المادية وحجم الناتج المحلي بعد التدمير الشامل لأغلب مرافق الحياة والبنية التحتية يزيد من تعقيدات استراتيجية ما بعد معركة السلاح. فإذا أضفنا لذلك أن متغيرات القوة الناعمة، وفي طليعتها المساعدات المادية والمالية ورفع الحصار وتيسير دخول ذلك للقطاع، سيتم استخدامها كأدوات ابتزاز من كافة خصوم المقاومة بهدف انتزاع التنازلات السياسية الاستراتيجية التي لم يتمكن الطرف الآخر من انتزاعها في ميادين القتال، فإن خصوم المقاومة وفي طليعتهم "إسرائيل" وبعض الدول الأوروبية وبعض الدول العربية ستعمل على عرقلة المساعدات أو محاولة التطفل عليها أو حتى منعها، ولعل سياسات بعض هذه الأطراف تجاه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees in the Near East (UNRWA) شاهد على ذلك، كما أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب Donald Trump يعزز هذه الهواجس.

ما سبق يستدعي بناء استراتيجية متكاملة لحشد طاقات كافة الأطراف الدولية، الحكومية وغير الحكومية، الأكثر تقارباً في توجهاتها لمساندة خطة الدعم للإعمار.

نقدم إليكم ورقة علمية، من إصدار مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، للكاتب أ.د.وليد عبد الحي بعنوان "معركة إعادة الإعمار في قطاع غزة"، يمكنكم تحميلها في أسفل المحاذير والتوصيات التي أوردتها الدراسة.

المحاذير

شكَّلت قضية المساعدات الدولية المشروطة سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أحد موضوعات العلاقات الدولية التي أثارت نقاشاً واسعاً بين باحثي العلاقات الدولية، فهناك من يرى أنّ المساعدات المشروطة لم تحقق النتائج المرجوة، بل أثّرت على الاستقرار الدولي، بينما هناك من يتحفظ على هذه المسالة.

إنّ الربط بين التوجهات السياسية وبين نمط العلاقة بين الجهة المتبرعة وبين الجهة المتلقية للتبرع أمر في غاية الأهمية، فالملاحظ أنّ التبرعات تعد أداة للتغلغل في المجتمع الآخر من خلال النخب، أو الهيئات المدنية، أو الأقليات والطوائف والحكام، أو المجتمع ككل.

ويدلنا السياق التاريخي أنّ الدول الأكثر تقديماً للمساعدات للفلسطينيين هي الأكثر خصومة سياسية معهم (الولايات المتحدة، وأوروبا، وبعض الدول الخليجية)، بينما الدول الأقل خصومة هي الأقل تقديماً للمساعدات، ويكفي المقارنة بين الدعم الصيني أو الروسي أو الخليجي وبين الدعم الأمريكي أو الأوروبي لفلسطين، دون نفي أنّ بعض الدول قد لا تربط بشكل واضح بين المساعدة والسلوك السياسي الفلسطيني، كما هو الحال مع بعض دول الشمال الأوروبي.

ذلك يستدعي من المقاومة أن تحاول التركيز في التواصل مع الجهات الداعمة على الدول الأقل عداء لأنها ستكون أقل اشتراطاً، ثم لا بدّ من الاعتماد على القطاعات غير الحكومية وخصوصاً الهيئات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة. وعلى المقاومة أن تستفيد من الصورة السلبية لـ"إسرائيل" التي تكرست لدى قطاعات واسعة من المجتمع الدولي بما فيها المجتمعات الغربية، والتي تجعل الاستجابة للمساعدة أكبر، وهو الأمر الذي كان واضحاً في الحركات والمظاهرات الشعبية المساندة لفلسطين.

التوصيات

تشير المعطيات السابقة إلى أنّ حجم الأضرار والوضع الاقتصادي في قطاع غزة يستوجب سرعة المبادرة إلى:

- مطالبة المنظمات الدولية وخصوصاً هيئات الإغاثة وصناديق التنمية في الدول العربية والإسلامية للاجتماع لبحث اسراتيجياتها في مساعدة غزة على تجاوز آثار العدوان، وقد سبق وأن نبَّهنا لهذا الموضوع خلال الحرب.

- اعتبار الهيئات والتنظيمات الشعبية في الدول العربية والإسلامية مصدراً لا بدّ من التواصل العاجل معها للإسهام في جمع كافة أشكال المساعدات لغزة.

- مطالبة وسائل الإعلام العربية والإسلامية لتخصيص برامج للحض على تقديم المساعدات لغزة.

- نظراً لاحتمال سعي أطراف معينة (عربية وغير عربية) إلى إيجاد إشكال إجرائي حول الجهات التي يوكل لها تسلم التبرعات والمساعدات، خصوصاً في ظلّ السوابق التاريخية والمعاصرة لمماحكات السلطة الفلسطينية مع قوى المقاومة في هذا الجانب، فإننا نقترح على المقاومة أن تطرح فكرة أن تتولى وكالة الأونروا بصفتها هيئة دولية تسلم المساعدات وإدارتها، أو أن تتعاون الوكالة مع هيئات دولية من ممثلي المجتمع المدني الفلسطيني أو من هيئات دولية مختارة بعناية.

ويُسهم هذا الإجراء في:

- عدم توظيف تنازع الاختصاص بين الإدارة المحلية في غزة والسلطة الفلسطينية لتعطيل الشروع في تقديم المساعدات، وهو هدف إسرائيلي مؤكد.

- تكريس فكرة تثبيت مكانة وكالة الأونروا التي تسعى الديبلوماسية الإسرائيلية لتقويضها خصوصاً في ظلّ التوجهات السلبية للرئيس الأمريكي ترامب تجاه هذه الوكالة.

- العمل على إبداء أقصى درجات الشفافية في إدارة المرافق والأموال التي يمسّها مشروع الإعمار.

لتحميل الدراسة من هنا


المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

الكاتب: أ. د. وليد عبد الحي




روزنامة المحور